تحقق أجهزة الأمن اللبنانية نجاحات كبيرة في العمليات الأمنية الاستباقية التي توقِع إرهابيّين وعملاء للعدو اليهودي. وعلى الرغم من إمكانيات هذه الأجهزة المتواضعة، فإنّها باتت في قائمة الأجهزة الأمنية العالمية الفاعلة في مجال مكافحة الإرهاب والجاسوسية والعمالة.
وعليه، فإنّ ما قام به جهاز أمن الدولة في لبنان، لجهة كشف تورّط المسرحي اللبناني زياد عيتاني بالعمالة للعدو، يعتبر إنجازاً استثنائياً، لأنّ أشخاصاً كهؤلاء، لا يكونون عادة في دائرة الكونترول الأمني، ما يعني أنّ هذا الجهاز الأمني يتمتع بقدرة كبيرة على جمع المعلومات وتحليلها ومتابعتها وإجراء التقاطعات بشأنها. وبالتالي فإنّ الأهمية المضاعفة لهذا الإنجاز الأمني، تكمن في اكتشاف خطط العدو الأمنية التي باتت تستهدف قطاعات وبيئات متعدّدة في لبنان لتجنيد العملاء.
لكن، على أهمية الإنجازات الأمنية، والثقة بالأجهزة الأمنية اللبنانية وما تقوم به لحماية لبنان واستقراره، لا بدّ من أنّ يتشكّل في لبنان وعي جماعي يُسهم في تحصين أمن البلد واستقراره. فالأمن على عاتق الأجهزة العسكرية والأمنية وحدَها ممسوك نسبياً بنسب عالية ، لكنه يصبح مكتملاً حينما يكون المجتمع محصّناً بالوعي والانتماء.
لا نُذيع سراً، بأنّ عوامل التحصين في مواجهة آفة العمالة وآثام الإرهاب، ليست مكتملة، خصوصاً عندما نجد في لبنان مَن يبرّر العمالة للعدو الصهيوني بذريعة «وطأة» ظروف معينة! وقد بلغ تبرير العمالة ذروته منذ نحو شهر، حين صدر حكم قضائي بحق المقاومَيْن نبيل العلم وحبيب الشرتوني، لمسؤوليتهما عن عملية قتل بشير الجميّل، بعد أن تمّ فصل الحكم عن سياقه التاريخي، وهذا ما جعل البعض يعود جهاراً نهاراً إلى مربّع اعتبار «العمالة وجهة نظر» ووصل هذا البعض إلى حدّ وصف بشير الجميّل بـ «القديس». وهو مَن ثبُت بالأدلة والقرائن والصوَر تعامله مع العدو الصهيوني ومعاونته على فوز قواته.
وكذلك الأمر بالنسبة للإرهاب الذي تمارسه تنظيمات متطرفة. فالبعض في لبنان وعلى مدى سبع سنوات من الحرب السورية، كان يُطلق على الذين يمارسون أعمالاً إرهابية في سورية، صفة «ثوار»، لتبرير أعمالهم الإرهابية.
رغم كلّ ذلك، فإنّ الثقة كبيرة بالأجهزة الأمنية وبعملها الدؤوب لحماية لبنان. وهي أثبتت حتى الآن أنها تقوم بمهام حفظ الأمن بشكل كامل، لكن هذا لا يلغي دور الناس في تحصين الأمن الوطني، ولا يلغي ضرورة وضع حدّ بالقانون للذين يبرّرون العمالة للعدو.
يبقى أنّ عمليات الإيقاع بالعملاء في مراحل سابقة، هي إنجازات كبيرة حمت لبنان وتحميه. وهذه العمليات هي التي تحصّن لبنان راهناً.